والمرء يورث مجده أبناءه ... ويموت آخر وهو في الأحياء
1481 ويستحسن أصحابنا قول ربيعة بن ثابت الرقي يمدح يزيد ابن حاتم المهلبي، ويهجو يزيد بن أسيد السلمي [طويل] :
لشتان ما بين اليزيدين في الندى ... يزيد سليم والأغر بن حاتم
يزيد سليم سالم المال، والفتى ... فتى الأزد للأموال غير مسالم
وهم الفتى الأزدي إتلاف ماله ... وهم الفتى القيسي جمع الدراهم
فلا يحسب التمتام أنى هجوته ... ولكنني فضلت أهل المكارم
فبلغ أبا الشمقمق هذا الشعر. فقال يفضل يزيد بن مزيد الشيباني على يزيد المهلبي ويزيد السلمي [طويل] :
شتان ما بين اليزيدين في الندى ... إذا عد في الناس المكارم والمجد
يزيد بن شيبان أكرم منهما ... وإن غضبت قيس بن عيلان والأزد
علي وعبد الله بينهما أب ... وشتان ما بين الطبائع والفعل
ألم تر عبد الله يلحي على الندى ... علياً، ويلحاه علي على البخل
وما الناس إلا خلفه في طباعهم ... كما اختلفت بيض الليالي وسودها
وكم بين بحر تمطر الجود كفه ... وآخر منقوص اليمين كتومها
لئن وصلت أبوتنا انتسابا ... لقد قطعت مرائرها العقول
أبوك أبي، وأنت أخي ولكن ... تباينت الطبائع والشكول
1485 أخبرني عبد الله بن جعفر قال سمعت محمد بن يزيد المبرد يقول سمعت المازني يقول: لم يقل في تباعد الشبه بين الأقرباء، أجود من قول ابن أبي عيينة يهجو خالد بن يزيد المهلبي، ويمدح أباه، في أبيات يقول فيها [طويل] :
أبوك لنا غيث نعيش بنبته ... وأنت جراد ليس تبقى ولا تذر
له أثر في المكرمات يسرنا ... وأنت تعفى دائباً ذلك الأثر
تسيء وتمضي في اإساءة جاهراً ... فلا أنت تستخبي ولا أنت تعتذر
لقد قنعت قحطان خزياً بخالد ... فهل لك فيه
يخزك الله
يا مضر
1486 أجمع فرسان الشعر، والعلماء بسرائر الكلام، أن أحسن ما قيل في هذا المعنى قول عمر بن أبي ربيعة [خفيف] :
زعموها سألت جاراتها ... وتعرت يوم حر شديد
أكما ينعتني تبصرنني ... عمركن الله، أم لا يقتصد
فتضاحكن وقد قلن لها ... حسن في كل عين من تود
حسداً حملنه من أجلها ... وقديما كان في الناس الحسد
1487 وقد ردد عمر هذا المعنى في أبيات تشكك فيها شكاً، هو أصح عنده من اليقين. فقال [طويل] :
خرجت غداة النفر أعترض الدمى ... فلم أر أحلى منك في العين والقلب
فو الله ما أدري أحسن رزقته ... أم الحب أعمى كالذي قيل في الحب
أمغطى مني على بصري في ال ... حب أم أنت أكمل الناس حسنا
أيها العاذل الذي لام فيها ... لو سلمت الذي بنا لم تلمنا
رأيتك فقت الناس يا أم مالك ... يجمله حسن أخرست من يعينها
فو الله ما أدري أأنت كما أرى ... أم العين مزهو إليها حبيبها
وما الشمس يوم الدجن لا حت فأشرقت ... ولا البدر وافى أسعدا ليلة البدر
بأحسن منها، بل تزيد ملاحة ... على ذاك ور أي المحب؟! فلا أدري
حفت بصحراء الحجون وناقتي ... لها بين قاع الأحثيين حنين
غموساً لقد فضلت في الحسن غبطة ... على الناس أوفى من هواك جنون
وهذا معنى يستملح بعض الناس، ويأباه آخرون.
تساهم ثوباها ففي الدرع رأدة ... وفي المرط لفاوان ردفهما عبل
فو الله ما أدري أزيدت ملاحة ... على سائر النسوان أم ليس لي عقل
فهذه عبارة جافية.