حليه الفقهاء (صفحة 109)

باب أعمال الحَجّ

فأوَّلُ ذلك النِّيَّةُ، وقد فَسَّرْناها في كتابِ الطهارة.

وأمَّا الْإحْرام، فهو الدُّخُولُ في التَّحْرِيمِ، كان الرجلُ يُحَرِّمُ على نفسِه النِّكَاحَ، والطِّيبَ، وأشْياءَ مِن اللِّباسِ، فيُقال: أَحْرَمَ، أي: دخل في التَّحْرِيمِ، كما يُقال: أشْتَى: إذا دخل في الشتاء، وأَرْبَعَ: إذا دخَل في الرَّبيع.

وأمَّا الْإِهْلالُ بالحَجِّ، فرَفْعُ الصَّوْتِ بالتَّلْبِيَةِ، ومنه يُقال: أَهَلَّ الصَّبِيُّ، واسْتَهَلَّ: إذا بكَى أو صاحَ حين يَسْقُطُ إلى الأَرْضِ.

وأمَّا التَّلْبِيَةُ، فأَنْ يقول: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ. ويكون التَّلْبِيَةُ مِن قَوْلِك: ألَبَّ بالمكانِ: إذا لَزِمَهُ، ومعنى لَبَّيْكَ: هأنا عَبْدُك، وأنا مُقِيمٌ عَلَى طاعتِك وأمْرِك، غيرُ خارجٍ عن ذلك، ولا شارِدٍ عليك.

ومعنَى التَّلْبِيَة في قَوْلِنا: لَبَّيْكَ. أي: إِلْبَابٌ بعدَ إلْبَابٍ، وإقامَةٌ بعدَ إقامةٍ، وطاعةٌ بعدَ طاعةٍ، كما قالُوا: حَنَانَيْكَ يا رَبَّنا، أي: هَبْ لنا رحمةً بعدَ رحمةٍ. والْإِلْبَابُ: اللُّزُومُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015