حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي غَوْثُ بْنُ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: قَالَ الْحَوَارِيُّونَ: يَا عِيسَى مَنْ أَوْلِيَاءُ اللهِ الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ؟ قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: «الَّذِينَ نَظَرُوا إِلَى بَاطِنِ الدُّنْيَا حِينَ نَظَرَ النَّاسُ إِلَى ظَاهِرِهَا , وَالَّذِينَ نَظَرُوا إِلَى آجِلِ الدُّنْيَا حِينَ نَظَرَ النَّاسُ إِلَى عَاجِلِهَا , فَأَمَاتُوا مِنْهَا مَا يَخْشَوْنَ أَنْ يَشِينَهُمْ , وَتَرَكُوا مَا عَلِمُوا أَنْ سَيَتْرُكُهُمْ , فَصَارَ اسْتِكْثَارُهُمْ مِنْهَا اسْتِقْلَالًا , وَذِكْرُهُمْ إِيَّاهَا فَوَاتًا , وَفَرَحُهُمْ مِمَّا أَصَابُوا مِنْهَا حُزْنًا , فَمَا عَارَضَهُمْ مِنْ نَيْلِهَا رَفَضُوهُ , وَمَا عَارَضَهُمْ مِنْ رِفْعَتِهَا بِغَيْرِ الْحَقِّ وَضَعُوهُ , وَخَلِقَتِ الدُّنْيَا عِنْدَهُمْ فَلَيْسُوا يُجَدِّدُونَهَا , وَخَرِبَتْ بُيُوتُهُمْ فَلَيْسُوا يُعَمِّرُونَهَا , وَمَاتَتْ فِي صُدُورِهِمْ فَلَيْسُوا يُحْيُونَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا , بَلْ يَهْدِمُونَهَا فَيَبْنُونَ بِهَا آخِرَتَهُمْ , وَيَبِيعُونَهَا فَيَشْتَرُونَ بِهَا مَا يَبْقَى لَهُمْ , وَرَفَضُوهَا فَكَانُوا فِيهَا هُمُ الْفَرِحِينَ , وَنَظَرُوا إِلَى أَهْلِهَا صَرْعَى قَدْ خَلَتْ بِهِمُ الْمَثُلَاتُ , وَأَحْيَوْا ذِكْرَ الْمَوْتِ , وَأَمَاتُوا ذِكْرَ الْحَيَاةِ , يُحِبُّونَ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيُحِبُّونَ ذِكْرَهُ , وَيَسْتَضِيئُونَ بِنُورِهِ وَيُضِيئُونَ بِهِ , لَهُمْ خَيَرٌ عَجِيبٌ , وَعِنْدَهُمُ الْخَبَرُ الْعَجِيبُ , بِهِمْ قَامَ الْكِتَابُ وَبِهِ قَامُوا , وَبِهِمْ نَطَقَ الْكِتَابُ وَبِهِ نَطَقُوا , وَبِهِمْ عُلِمَ الْكِتَابُ وَبِهِ عَمِلُوا , وَلَيْسُوا يَرَوْنَ نَائِلًا مَعَ مَا نَالُوا , وَلَا أَمَانًا دُونَ مَا يَرْجُونَ , وَلَا خَوْفًا دُونَ مَا يَحْذَرُونَ» قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَهُمُ الْمَصُونُونَ عَنْ مُرَامَقَةِ حَقَارَةِ الدُّنْيَا بِعَيْنِ الِاغْتِرَارِ , الْمُبْصِرُونَ صُنْعَ مَحْبُوبِهِمْ بِالْفِكْرِ وَالِاعْتِبَارِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015