أَخْبَرَنِي جَعْفَرٌ، فِي كِتَابِهِ , وَحَدَّثَنِي عَنْهُ، مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ مَسْرُوقٍ: " مَرَرْتُ مَعَ الْجُنَيْدِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِي بَعْضِ دُرُوبِ بَغْدَادَ وَإِذَا مُغَنٍ يُغَنِّي:
[البحر البسيط]
مَنَازِلٌ كُنْتَ تَهْوَاهَا وَتَأَلْفُهَا ... أَيَّامَ كُنْتَ عَلَى الْأَيَّامِ مَنْصُورَا
فَبَكَى الْجُنَيْدُ بُكَاءً شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا الْعَبَّاسِ، مَا أَطْيَبَ مَنَازِلَ الْأُلْفَةِ وَالْأُنْسِ وَأَوْحَشَ مَقَامَاتِ الْمُخَالَفَاتِ، لَا أَزَالُ أَحِنُّ إِلَى بَدْءِ إِرَادَتِي وَجُدَّةِ سَعْيِي وَرُكُوبِي لِلْأَهْوَالِ طَمَعًا فِي الْوُصُولِ وَهَا أَنَا فِي أَيَّامِ الْفَتْرَةِ أَتَلَهَّفُ عَلَى أَوْقَاتِي الْمَاضِيَةِ، فَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: مَنْ يَكُنْ سُرُورُهُ بِغَيْرِ الْحَقِّ فَسُرُورُهُ يُوَرِّثُ الْهُمُومَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أُنْسُهُ فِي خِدْمَةِ رَبِّهِ فَهُوَ مِنْ أُنْسِهِ فِي وَحْشَةٍ "