حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدٍ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ , ثنا إِسْحَاقُ , ثنا عُمَرُ بْنُ بَحْرٍ الْأَسَدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَوَارِيِّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَسْمَاءَ الرَّمْلِيَّةَ وَكَانَتْ مِنَ الْمُتَعَبِّدَاتِ الْمُجْتَهِدَاتِ , قَالَتْ: سَأَلْتُ الْبَيْضَاءَ بِنْتَ الْمُفَضَّلِ فَقُلْتُ: " يَا أُخْتِي هَلْ لِلْمُحِبِّ لِلَّهِ دَلَائِلُ يُعْرَفُ بِهَا؟ قَالَتْ: يَا أُخْتِي، وَالمُحِبُّ لِلسَّيِّدِ يَخْفَىَ؟ لَوْ جَهِدَ المُحِبُّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُخْفِي مَا خَفِيَ , قُلْتُ: فَصِفِيهِ لِي فِي أَخْلَاقِهِ وَطَعَامِهِ وَشَرَابِهِ وَنَوْمِهِ وَيَقَظَتِهِ وَحَرَكَاتِهِ , قَالَتْ: بَلَى قَدْ أَكْثَرْتِ عَلَيَّ وَلَكِنْ سَأَصِفُ لَكِ مِنْ ذَلِكَ مَا قَدَرْتُ عَلَيْهِ، وَلَوْ رَأَيْتِ المُحِبَّ لِلَّهِ لَرَأَيْتِ عَجَبًا عَجِيبًا مِنْ وَالِهٍ مَا يَقَرُّ عَلَى الْأَرْضِ طَائِرٌ مُتَوَحِّشٌ أُنْسُهُ فِي الْوَحْدَةِ قَدْ مُنِعَ الرَّاحَةَ وَلَهًا بِذِكْرِ الْمَحْبُوبِ , وَطَعَامُهُ الْحُبُّ عِنْدَ الْجُوعِ , وَشُرْبُهُ الْحُبُّ عِنْدَ الظَّمَأِ , وَنَوْمُهُ الْفِكْرَةُ فِي الْوَصْلَةِ وَيَقَظَتُهُ الْمُبَادَرَةُ فِي الْغَفْلَةِ لَيْسَ لَهُ هُدْوٌ وَلَا يَمِيلُ إِلَى سُلُوٍّ إِنْ عُزِّيَ لَمْ يَتَعَزَّ وَإِنْ صَبَرَ لَمْ يَتَصَبَّرْ فَهُوَ الدَّهْرَ مُنَكَّسٌ لَا تُغَيِّرُهُ الْأَيَّامُ وَلَا يَمَلُّ مِنْ طُولِ الْخِدْمَةِ لِلَّهِ إِذَا مَلَّ الْخُدَّامُ حَتَّى يَصِيرَ مِنْ مَحَبَّتِهِ وَطُولِ خِدْمَتِهِ فِي دَرَجِ الشَّوْقِ فَيَقَرُّ قَرَارُهُ وَتَخْمَدُ نَارُهُ وَيُطْفَى شَرَرُهُ وَيَقِلُّ هَمُّهُ وَتَوَاصَلُ أَحْزَانُهُ "