حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ، يَقُولُ: قَالَ لِي إِسْرَافِيلُ: أَنْشَدَنِي ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ: «
[البحر الطويل]
-[391]-
مَجَالُ قُلُوبِ الْعَارِفِينَ بِرَوْضَةٍ ... سَمَاوِيَّةٍ مِنْ دُونِهَا حُجُبِ الرَّبِ
مُعَسْكَرُهَا فِيهَا مَجْنَى ثِمَارِهَا ... تَنَسَّمُ رُوحُ الْأُنْسِ لِلَّهِ مِنْ قُرْبِ
يَكْنِفُهَا مِنْ عَالِمِ السِّرِّ قُرْبُهُ ... فَلَوْ قَدَّرَ الْآجَالَ ذَابَتْ مِنَ الْحَبِّ
وَأَرْوَى صَدَاهَا صَرْفُ كَاسَاتِ حُبِّهِ ... وَبَرْدُ نَسِيمٍ جَلَّ عَنْ مُنْتَهَى الْخَطْبِ
فَيَا لِقُلُوبٍ قُرِّبَتْ فَتَقَرَّبَتْ ... لِذِي الْعَرْشِ مِمَّنْ زَيَّنَ الْمُلْكَ بِالْقُرْبِ
رَضَاهَا فَأَرْضَاهَا فَحَازَتْ مَدَى الرِّضَى ... وَحَلَّتْ مِنَ الْمَحْبُوبِ بِالْمَنْزِلِ الرَّحْبِ
لَهَا مِنْ لَطِيفِ الْحُبِّ عَزْمٌ سَرَتْ بِهِ ... وَيُهْتَكُ بِالْأَفْكَارِ مَا دَاخِلَ الْحُجُبِ
فَإِنْ فَقَدَتْ خَوْفَ الْفِرَاقِ لِإِلْفِهَا ... أَدَامَتْ حَنِينًا تَطْلُبُ الْأُنْسَ بِالْقُرْبِ
سَرَى سِرُّهَا بَيْنَ الْحَبِيبِ وَبَيْنَهَا ... فَأَضْحَى مَصُونًا مِنْ سِوَى الرَّبِّ فِي الْقَلْبِ»