حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى الْوَشَّاءُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: " بَيْنَا أَنَا أَسِيرُ، فِي بَعْضِ سِيَاحَتِي فَإِذَا أَنَا بِصَوْتٍ، حَزِينٍ كَئِيبٍ مُوجِعِ الْقَلْبِ أَسْمَعُ الصَّوْتَ وَلَا أَرَى الشَّخْصَ وَهُوَ يَقُولُ: سُبْحَانَ مُفْنِي الدُّهُورِ، سُبْحَانَ مُخَرِّبِ الدُّنْيَا، سُبْحَانَ مُمِيتِ الْقُلُوبِ، سُبْحَانَ بَاعِثِ مَنْ فِي الْقُبُورِ. فَاتَّبَعْتُ الصَّوْتَ فَإِذَا أَنَا بِنَقْبٍ، وَإِذَا الصَّوْتُ خَارِجٌ مِنَ النَّقْبِ وَهُوَ يَقُولُ: سُبْحَانَ مَنْ لَا يَسَعُ الْخَلْقَ إِلَّا سَرُّهُ، سُبْحَانَكَ مَا أَلْطَفَكَ بِمَنْ خَالَفَكَ، وَأَوْفَاكَ بِعَهْدِكَ، سُبْحَانَكَ مَا أَحْلَمَكَ عَمَّنْ عَصَاكَ وَخَالَفَ أَمْرَكَ. ثُمَّ قَالَ: سَيِّدِي بِحِلْمِكَ نَطَقْتُ، وَبِفَضْلِكَ تَكَلَّمْتُ، وَمَا أَنَا وَالْكَلَامُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِمَا لَا يَسْتَأْهِلُهُ قَدْرِي فَيَا إِلَهَ مَنْ مَضَى قَبْلِي وَيَا إِلَهَ مَنْ يَكُونُ بَعْدِي، بِالصَّالِحِينَ فَأَلْحِقْنِي وَلِأَعْمَالِهِمْ فَوَفِّقْنِي. ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ الزُّهَّادُ وَالْعُبَّادُ؟ أَيْنَ الَّذِينَ شُدُّوا مَطَايَاهُمْ إِلَى مَنَازِلَ مَعْرُوفَةٍ، وَأَعْمَالٍ مَوْصُوفَةٍ، نَزَلَ بِهِمُ الزَّمَانَ فَأَبْلَاهُمْ، وَحَلَّ بِهِمُ الْبَلَاءُ فَأَفْنَاهُمْ فَهَلْ أَنْتَظِرُ إِلَّا مِثْلِ الَّذِي حَلَّ بِهِمْ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَا كَانَ فِيهِ. فَقُلْتُ: رَجُلٌ عَزَفَتْ نَفْسُهُ عَنْ كَلَامِ النَّاسِ، فَانْصَرَفْتُ وَتَرَكْتُهُ بَاكِيًا "

طور بواسطة نورين ميديا © 2015