حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثنا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قِيلَ لِأَبِي الْفَيْضِ ذِي النُّونِ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ: أَصْبَحْتُ تَعِبًا إِنْ نَفَعَنِي تَعَبِي وَالْمَوْتُ يَجِدُّ فِي طَلَبِي وَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ فَقَالَ: أَصْبَحْتُ مُقِيمًا عَلَى ذَنْبٍ وَنِعْمَةٍ، فَلَا أَدْرِي مِنَ الذَّنْبِ أَسْتَغْفِرُ أَمْ عَلَى النِّعْمَةِ أَشْكُرُ، وَقِيلَ لَهُ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ قَالَ أَصْبَحْتُ بَطَّالًا عَنِ الْعِبَادَةِ مُتَلَوِّثًا بِالْمَعَاصِي أَتَمَنَّى مَنَازِلَ الْأَبْرَارِ وَأَعْمَلُ عَمَلَ الْأَشْرَارِ، وَسَمِعْتُ ذَا النُّونِ يَقُولُ: «إِلَهِي لَوْ أَصَبْتُ مُوْئِلًا فِي الشَّدَائِدِ غَيْرَكَ أَوْ مَلْجَأً فِي الْمَنَازِلِ سِوَاكَ لَحَقَّ لِي أَنْ لَا أَعْرِضَ إِلَيْهِ بِوَجْهِي عَنْكَ، وَلَا أَخْتَارَهَ عَلَيْكَ، لِقَدِيمِ إِحْسَانِكَ إِلَيَّ وَحَدِيثِهِ، وَظَاهِرِ مِنَّتِكَ عَلَيَّ وَبَاطِنِهَا، وَلَوْ تَقَطَّعْتُ فِي الْبِلَادِ إِرَبًا إِرَبًا، وَأُنْصِبْتُ عَلَى الشَّدَائِدِ صَبًّا صَبًّا، وَلَا أَجِدُ مُشْتَكًى غَيْرَكَ، وَلَا مَفْرَجًا لِمَا بِي عَنْ سِوَاكَ فَيَا وَارِثَ الْأَرْضِ وَمَنْ عَلَيْهَا، وَيَا بَاعِثَ جَمِيعَ مَنْ فِيهَا، وَرِّثْ أَمَلِي فِيكَ مِنِّي أَمَلِي، وَبَلِّغْ هَمِّي فِيكَ مُنْتَهَى وَسَائِلِي»