سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ أَحْمَدَ بْنَ أَبِي عِمْرَانَ الْهَرَوِيَّ الصُّوفِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا نَصْرٍ الْهَرَوِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ سَعْدَانَ التَّاهَرْتِيَّ، يَقُولُ: سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ الْمَرْعَشِيُّ، يَقُولُ: صَحِبْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ بِالْبَادِيَةِ فِي طَرِيقِ الْكُوفَةِ فَكَانَ يَمْشِي وَيَدْرُسُ وَيُصَلِّي عِنْدَ كُلِّ مِيلٍ رَكْعَتَيْنِ فَبَقَيْنَا بِالْبَادِيَةِ حَتَّى بَلِيَتْ ثِيَابُنَا فَدَخَلْنَا الْكُوفَةَ وَآوَيْنَا إِلَى مَسْجِدٍ خَرَابٍ فَنَظَرَ إِلَيَّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ فَقَالَ: «يَا حُذَيْفَةُ» أَرَى بِكَ الْجُوعَ فَقُلْتُ: مَا رَأَيُ الشَّيْخِ فَقَالَ: عَلَيَّ بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاسٍ , فَخَرَجْتُ فَجِئْتُهُ بِهِمَا فَكَتَبَ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. أَنْتَ الْمَقْصُودُ إِلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ وَالْمُشَارُ إِلَيْهِ بِكُلِّ مَعْنًى:
[البحر الكامل]
أَنَا حَاضِرٌ، أَنَا ذَاكِرٌ، أَنَا شَاكِرٌ ... أَنَا جَائِعٌ، أَنَا حَاسرٌ، أَنَا عَارِي
هِيَ سِتَّةٌ وَأَنَا الضَّمِينُ، بِنِصْفِهَا ... فَكُنِ الضَّمِينَ لِنِصْفِهَا يَا بَارِي
مَدْحِي لِغَيْرِكَ لَفْحُ نَارٍ خُضْتُهَا ... فَأَجِرْ فَدَيْتُكَ مِنْ دُخُولِ النَّارِ
وَدَفَعَ إِلَيَّ الرُّقْعَةَ وَقَالَ: اخْرُجْ وَلَا تُعَلِّقْ سِرَّكَ بِغَيْرِ اللهِ وَأَعْطِهَا أَوَّلَ مَنْ تَلْقَاهُ فَخَرَجْتُ فَاسْتَقْبَلَنِي رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَغْلَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ فَقَرَأَهَا وَبَكَى وَقَالَ: أَيْنَ صَاحِبُ هَذِهِ الرُّقْعَةِ فَقُلْتُ: فِي الْمَسْجِدِ الْفُلَانِيِّ الْخَرَابِ فَأَخْرَجَ مِنْ كُمِّهِ صُرَّةَ دَنَانِيرَ فَأَعْطَانِي فَسَأَلْتُ عَنْهُ فَقِيلَ: هُوَ نَصْرَانِيٌّ فَرَجَعْتُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: لَا تَمَسُّهُ فَإِنَّهُ يَجِيءُ السَّاعَةَ فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ أَنَّ وَافَى النَّصْرَانِيُّ فَانْكَبَّ عَلَى رَأْسِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: يَا شَيْخُ قَدْ حَسَنُ إِرْشَادُكَ إِلَى اللهِ فَأَسْلَمَ وَصَارَ صَاحِبًا لِإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى "