أُخْبِرْتُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ سَوَادَةَ، ثنا أَبُو سَعِيدٍ الْبُكَاءُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ , حَدَّثَنِي جَامِعُ بْنُ أَعْيَنَ الْفَرَّاءُ، قَالَ: " وَجَّهَنِي أَخِي إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ، وَهُوَ يَرْعَى الْخَيْلَ فِي الْمَلُونَ , وَمَلَأَ جِرَابًا مِنَ السُّوَيْقِ، وَالتَّمْرِ , وَأَعْطَانِي لَحْمًا مَشْوِيًّا , فَقَالَ: أَعْطِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنَ أَدْهَمَ وَأَقْرِهِ مِنِّي السَّلَامَ , قَالَ: فَجِئْتُهُ بَعْدَ الْعَصْرِ فَإِذَا هُوَ فِي الْغَابَةِ , فَنَظَرْتُ إِلَى فَرَسِنَا وَقَعَدْتُ حَتَّى خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ عِنْدَ اصْفِرَارِ الشَّمْسِ , وَعَلَيْهِ عَبَاءَةٌ عَلَى كَتِفَيْهِ , وَجْبَةُ صُوفٍ وَهُوَ يُسَبِّحُ , فَقَالُوا: قَدْ أَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ , وَقَدْ رَمِضُوا لَهُ كَفًّا مِنْ شَعِيرٍ , وَعَجْوَةٍ , وَهَيَّئُوا لَهُ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَقْرَاصٍ , فَقُمْتُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ , وَأَقْرَأْتُهُ سَلَامَ أَخِي , فَقَالَ لَهُمْ: أَرَوْهُ فَرَسَ أَخِيهِ يَفْرَحْ , فَقُلْتُ: قَدْ رَأَيْتُهُ وَوَضَعْتُ الْجِرَابَ بَيْنَ يَدَيْهِ , وَقُلْتُ: هَدِيَّةُ أَخِي لَكَ , فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَتَى جَاءَ هَذَا؟ قَالُوا: بَعْدَ الْعَصْرِ , قَالَ: فَهَلَّا أَكَّلْتُمُوهُ ثُمَّ قَالَ: ابْسُطُوا الْعَبَاءَةَ , وَنَفَضَ الْجِرَابَ عَلَيْهَا ثُمَّ جَعَلَ يَقُولُ: ادْعُوا فُلَانًا , ادْعُوا فُلَانًا , ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: كُلُوا , وَهُوَ قَائِمٌ يَقُولُ لَهُمْ: كُلُوا , فَقُلْتُ لِأَصْحَابِهِ: إِنَّ أَخِي إِنَّمَا بَعَثَ بِهَذَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ لِيَأْكُلَ مِنْهُ , وَلَمْ تَتْرُكُوا لَهُ شَيْئًا فَقَالُوا: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ -[386]- لَيْسَ يَأْكُلُ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَقْرَاصٍ مِنْ شَعِيرٍ بِمِلْحِ جَرِيشٍ , ثُمَّ صَلَّى بِنَا الْعَتَمَةَ , ثُمَّ مَا زَالَ رَاكِعًا وَسَاجِدًا وَمُتَفَكِّرًا حَتَّى الصُّبْحَ , ثُمَّ صَلَّى بِنَا الصُّبْحَ عَلَى وُضوءِ الْعَتَمَةِ "