فنحن نقولها" فقال له صلة: "ما تغني عنهم لا إله إلا الله وهم لا يدرون لا صلاة, ولا صيام, ولا نسك, ولا صدقة" فأعرض عنه حذيفة, ثم ردها عليه ثلاثاً, كل ذلك يعرض عنه حذيفة, ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: "يا صلة, تنجيهم من النار" ثلاثاً.
فإن هؤلاء الذين أنجتهم الكلمة من النار كانوا معذورين بترك شرائع الإسلام؛ لأنهم لا يدرون عنها, فما قاموا به هو غاية ما يقدرون عليه, وحالهم تشبه حال من ماتوا قبل فرض الشرائع, أو قبل أن يتمكنوا من فعلها, كمن مات عقب شهادته قبل أن يتمكن من فعل الشرائع, أو أسلم في دار الكفر فمات قبل أن يتمكن من العلم بالشرائع.
والحاصل أن ما استدل به من لا يرى كفر تارك الصلاة لا يقاوم ما استدل به من يرى كفره, لأن ما استدل به أولئك: إما أن يكون ضعيفاً غير صريح, وإما ألا يكون فيه دلالة أصلاً, وإما أن يكون مقيداً بوصف لا يتأتى معه ترك الصلاة, أو مقيداً بحال يعذر فيها بترك الصلاة, أو عاماً مخصوصاً بأدلة تكفيره!.
فإذا تبين كفره بالدليل القائم السالم عن المعارض المقاوم, وجب أن تترتب أحكام الكفر والردة عليه, ضرورة أن الحكم يدور مع علته وجوداً أو عدماً.