إلى حكم الله في كتابه وحكم رسوله في سنته. ويقول في ذلك: (إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ). فيرشدنا سبحانه وتعالى إلى أن طاعته وطاعة رسوله في شأن الناس كلهم، وفيما يعرض لهم من قضايا وخلاف ونزاع -شرط في الإيمان بالله واليوم الآخر. وكما قال الحافظ ابن كثير آنفاً -ص209 - : "فدل على أن من لم يتحاكم في محل النزاع إلى الكتاب والسنة ولا يرجع إليهما في ذلك- فليس مؤمناً بالله ولا باليوم الآخر".
ثم يرينا الله سبحانه حكمه في الذين يزعمون أنهم يؤمنون برسوله محمد صلى الله عليه وسلم وبما أنزل إليه، ثم يريدون (أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ)، فيحكم بأنهم منافقون، لأنهم إذا دُعوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول، صدوا عنه صدوداً، والنفاق شر أنواع الكفر.
ثم يعلمنا الله سبحانه وتعالى أنه لم يرسل الرسل عبثاً، وإنما أرسلهم ليطيعهم الناس بإذن الله.
ثم يُقْسِم ربنا تبارك وتعالى بنفسه الكريمة المقدسة: إن الناس لا يكونون مؤمنين حتى يحتكموا في شأنهم كله إلى رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وحتى يرضوا بحكمه طائعين خاضعين، لا يجدون في حكمه حرجاً في أنفسهم، وحتى يُسَلِّموا في دخيلة قلوبهم، إلى حكم الله ورسوله تسليماً كاملاً، لا ينافقون به المؤمنين، ولا يخضعون في قبوله لقوة حاكم أو غيره، بل يرضون به مهما يلقوا في ذلك من مشقة أو مؤنة. وأنهم إن لم يفعلوا لم يكونوا مؤمنين قط، بل دخلوا في إعداد الكافرين والمنافقين.