حكم الجاهليه (صفحة 257)

صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى اليوم. ولكنهم قوم يفترون!

وشرط العدل في هذه الآية (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً) -شرط شخصي لا تشريعي، أعني: أنه شرط مرجعه لشخص المكلف، لا يدخل تحت سلطان التشريع والقضاء. فإن الله قد أذن للرجل -بصيغة الأمر- أن يتزوج ما طاب له من النساء، دون قيد بإذن القاضي أو بإذن القانون أو بإذن ولي الأمر أو غيره، وأمره أنه إذا خاف -في نفسه- أن لا يعدل بين الزوجات أن يقتصر على واحدة. وبالبداهة أن ليس لأحد سلطان على قلب المريد الزواج. حتى يستطيع أن يعرف ما في دخيلة نفسه من خوف الجور أو عدم خوفه. بل ترك الله ذلك لتقديره في ضميره وحده. ثم علمه الله سبحانه أنه على الحقيقة لا يستطيع إقامة ميزان العدل بين الزوجات إقامة تامة لا يدخلها ميل، فأمره أن لا يميل"كل الميل فيذر بعض زوجاته كالمعلقة". فاكتفى ربه منه

-في طاعة أمره بالعدل- أن يعمل منها بما استطاع، ورفع عنه ما لم يستطع.

وهذا العدل المأمور به مما يتغير بتغير الظروف، ومما يذهب ويجيء بما يدخل في نفس المكلف. ولذلك لا يعقل أن يكون شرطاً في صحة العقد، بل هو شرط نفسي متعلق بنفس المكلف وبتصرفه في كل وقت بحسبه:

فربّ رجل عزم على الزواج المتعدد، وهو مصر في قلبه على عدم العدل، ثم لم ينفذ ما كان مصراً عليه، وعدل بين أزواجه. فهذا لا يستطيع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015