المرأة، ويستدل بذلك على أن النهي عن ذلك منسوخ، فأراد أن يبين أن وضوء الرجل والمرأة من الإناء الواحد معاً، أو غسلهما معاً ليس فيه شيء، وأنهم كانوا يفعلونه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرون به بأساً؛ وأقرب لفظ إلى هذا رواية الدارقطني: "يتوضأ الرجل والمرأة من إناء واحد"، وهو حين يقول: "كنا نتوضأ رجالاً ونساء" أو "كنا نتوضأ نحن والنساء"، أو ما إلى ذلك من العبارات -لا يريد اختلاط النساء والرجال في مجموعة واحدة أو مجموعات، يرى فيها الرجال من النساء الأذرع والأعضاء والصدور والأعناق، مما لا بد من كشفه حين الوضوء، وإنما يريد التوزيع، أي كل رجل مع أهله وفي بيته وبين محارمه، وهذا بديهي معلوم من الدين بالضرورة، ولذلك ترجم البخاري في "الصحيح" (1/ 258) على روايته هذا الحديث: "باب وضوء الرجل مع امرأته"، فحديث ابن عمر في هذا كحديث عائشة: "كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد تختلف فيه أيدينا، من الجنابة" رواه أحمد والشيخان، كما في "المنتقي" رقم (18)، ولو عقل هؤلاء الجاهلون الأجرياء، وهذا "العالم" الجاهل المجدد! لفكروا: أين كان في المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ميضأة عامة يجتمع فيها الرجال والنساء، على النحو الذي فهموا بعقولهم النيرة الذكية!!، فالمعروف أنهم كانوا يستقون من الآبار التي كانت في المدينة، رجالاً ونساء، والعهد بالصحابة رضي الله عنهم -وبمن بعدهم من التابعين وتابعيهم المؤمنين المتصونين إلى عصرنا هذا، أن يتحرز الرجال فلا يظهروا على شيء من عورات النساء التي أمر الله بسترها، وأن يتحرز النساء فلا يظهرن ما أمر الله بستره، وقد رأينا هذا في المدينة وأهلها، صانها الله عن دخول الفجور الذي ابتلي به أكثر بلاد المسلمين".
* ... * ... *