ويميناً بالله إنهم لا يرضون أن يصفوا بأمثال هذه الكلمات أصعر قس من قساوستهم فضلاً عن واحد من أصحاب سيدنا عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم. ولو فلتت فلتة مثل هذه من قلم أحد الكاتبين لهم في وصف رجل ممن ينسبون لدينهم لغضبوا لها وأبوا نشرها.
وأما ما ذكروا من شأن النيل فليس كما خيل إليهم.
ولفظ الحديث في صحيح البخاري من حديث طويل في وصف المعراج: "وإذا أربعة أنهار نهران ظاهران ونهران باطنان. فقلت ما هذان يا جبريل قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات" وفي حديث آخر في صحيح مسلم إن النيل والفرات من أنهار الجنة؛ ومن المعروف ببداهة الحس والعقل أن النيل والفرات في هذه الأرض التي نعيش على ظهرها وأنهما شقا في أديمها، يعرف ذلك الجاهل والعالم ولا يخالف فيه أحد: لا قبل ارتياد منابع النيل ولا بعده. والفرات في العراق من الجهة الشرقية للمدينة المنورة. والنيل في مصر من الجهة الغربية لها وبينهما بلاد وأقطار. وهذه حقيقة يعرفها العرب قبل الإسلام وقد كانوا يسافرون شرقا وغربا ويدخلون العراق ومصر.
وقد أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق -أنه رأى النيل والفرات يجريان في الجنة، وهي عالم آخر غير هذه الأرض، وهو يعلم أن سامعيه يعرفون هذه الحقائق، وأنهم لن يشبه عليهم قوله، فيظنوا أن هذين النهرين اللذين رأهما في الجنة هما بعينهما النهران اللذان رأوهما في الدنيا.