حكم الجاهليه (صفحة 154)

ما يخدع به بعضهم أنفسهم أن الفقه الإسلامي يصلح أن يكون مصدراً من مصادر التشريع! فيما لم يرد فيه نص في قوانينهم، ويحرصون كل الحرص على أن يكون تشريعهم تبعاً لما صدر إليهم من أمر أوربة في معاهدة منترو، مطابقاً لمبادئ التشريع الحديث، وكما قلت مراراً في مواضع من كتبي وكتاباتي: وتبًّا لمبادئ التشريع الحديث.

فهؤلاء الثلاثة الأنواع: المتشرع والمدافع والحاكم، يجتمعون في بعض هذا المعنى ويفترقون، والمآل واحد.

أما المتشرع: فإنه يضع هذه القوانين وهو يعتقد صحتها وصحة ما يعمل، فهذا أمره بيّن، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم.

وأما المدافع: فإنه يدافع بالحق وبالباطل، فإذا ما دافع بالباطل المخالف للإسلام معتقداً صحته، فهو كزميله المتشرع. وإن كان غير ذلك كان منافقاً خالصاً، مهما يعتذر بأنه يؤدي واجب الدفاع.

وأما الحاكم: فهو موضع البحث وموضع المثل. فقد يكون له في نفسه عذر حين يحكم بما يوافق الإسلام من هذه القوانين، وإن كان التحقيق الدقيق لا يجعل لهذا العذر قيمة.

أما حين يحكم بما يُنافى الإسلام، مما نص عليه في الكتاب أو السنة، ومما تدل عليه الدلائل منهما، فإنه -على اليقين- ممن يدخل في هذا الحديث: قد أمر بمعصية القوانين التي يرى أن عليه واجباً أن يطيعها أمرتْه بمعصية، بل بما هو أشد من المعصية: أن يخالف كتاب الله وسنة رسوله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015