مكلف مسؤول عن عمله، شأنه شأن آمره سواء.
ومن المفهوم بداهة: أن المعصية التي يجب على المأمور أن لا يطيع فيها الآمر، هي المعصية الصريحة التي لا يتأول فيها المأمور ويتحايل، حتى يوهم نفسه أنه امتنع لأنه أمر بمعصية، مغالطة لنفسه ولغيره.
ونرى أن نضرب لذلك بعض المثل. مما يعرف الناس في زماننا هذا، إيضاحاً وتثبيتاً:
1 - موظف أمره من له عليه حق الأمر أن ينتقل من بلد يحبه إلى بلد يكرهه، أو من عمل يرى أنه أهل له، إلى عمل أقل منه، أو أشد مشقة عليه، فهذا يجب أن يطيع من له عليه حق الأمر، لا مندوحة له من ذلك، أحب أو كره، فإن أبى من طاعة الأمر كان آثماً، وكان إباؤه حراماً، سواء أبى إباء صريحاً واضحاً، أم أبى إباء ملتوياً مستوراً، يتمحل الأسباب والمعاذير.
ولقد يرى المأمور أنه بما أُمر به مغبون، أو مظلوم مهضوم الحق، وقد يكون ذلك صحيحاً، ولكنه يجب عليه أن يطيع في كل حال، فإن الظلم في مثل هذه الأمور أمر تقديري، تختلف فيه الأنظار والآراء، والمأمور في هذه الحال ينظر لنفسه، ويحكم لنفسه، فمن النادر أن يكون تقديره للظلم الذي ظن أنه لحقه تقديراً صحيحاً، لما يشبه أن يكون من غلبة الهوى عليه، ولعل آمره أقدر على الإحاطة بالمسألة من وجوهها المختلفة، ولعل تقديره إذ ذاك أقرب إلى الصواب، إذا لم يكن فعل ما فعل عن هوى واضح