على فخامته ولا غضاضة، بل ذلك شرف له، ودليل على إنصافه وعلو همته، وعلى رغبته في إيثار الحق، ولا يخفى أن التمادي في الباطل نقص ورذيلة، وأن الرجوع إلى الحق وإعلانه شرف وفضيلة، بل فريضة من أهم الفرائض، ولا سيما مثل هذا المقام الذي يترتب عليه كفر وإسلام، وقد يقتدي به في ذلك الكفر غيره فيكون عليه مثل آثامه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: " من دعى إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعى إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا "، ولأن في عدم إعلان التكذيب أو التوبة تأييدا للطاعنين في الإسلام، وسيرا في ركابهم، ومشاركة لهم في الجريمة، وإني أربأ بفخامته أن يصرّ على أمر يغضب الله ورسوله، ويخرجه من دائرة الإسلام، إن كان قد وقع منه، ويجرئ أعداء الإسلام على النيل من حماه، والطعن في دستوره.
وقد اطلعت، أخيرا، على صحيفة "الصباح" التونسية فوجدتها تن، في عددها الصادر في 20/مارس/1974م، على تصريح خطير للرئيس، لم تشر إليه صحيفة "الشهاب"، مضمونه اعتبار إعطاء المرأة نصف حظ الذكر، في الميراث، نقصا ليس من المنطق البقاء عليه، بعد مشاركة المرأة في ميدان العمل، كما يتضمن التصريح بأنه قد حجر تعدد النساء، بالاجتهاد، وأنه يجوز للحكام تطوير الأحكام بالاجتهاد، حسب تطور المجتمع، لكونهم أمراء المؤمنين، وهذا منكر شنيع، وكفر صريح لما فيه من الطعن في القرآن، واتهامه بأن بعض أحكامه لا تناسب تطور المجتمع، وهو مخالف لإجماع أهل العلم، لكونهم قد أجمعوا على أن الاجتهاد إنما يكون في المسائل الفرعية التي لا نص فيها، أما الأحكام الشرعية التي نص عليها القرآن الكريم، أو السنة الصحيحة كإعطاء الزوجة والأنثى، من الأولاد والأخوة لأبوين أو لأب في الميراث، نصف الذكر وكتعدد النساء، فإنه لا مجال للاجتهاد في ذلك، لأن الله - سبحانه - هو الذي شرع الأحكام وفصلها، وهو العالم بأحوال عباده، وبما تتطور إليه مجتمعاتهم، والحكام ليس لهم تغيير الأحكام، وإنما الذي إليهم تنفيذها وإلزام الرعايا بمقتضاها لقول الله، سبحانه، يخاطب نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ