غيره شرك به - عز وجل - كما أوضح - سبحانه - أن ذلك من الكفر الأكبر فقال - عز وجل -: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} ، وأخبر - عز وجل - أنه لا أضل ممن دعى غير الله وأن المدعوين من دونه - من الملائكة والأنبياء وغيرهم - يتبرءون من عابديهم وداعيهم، وأنهم غافلون عن ذلك لا شعور لهم به، فقال سبحانه: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} وقال سبحانه: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ مَا كُنْتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ فَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لَغَافِلِينَ} والآيات في هذا المعنى كثيرة معلومة، وفيما ذكرناه كفاية ودلالة صريحة على أن العبادة حق الله وحده وأنه لا يجوز صرف شيء منها لغيره- سبحانه- فالواجب على أهل العلم أن يبينوا ذلك للناس وأن يشرحوا لهم حقيقة التوحيد
الذي بعث الله به رسوله محمداً - صلى الله عليه وسلم - ومن قبله من الرسل، وأن يعلِّموهم ما جهلوا من ذلك، وأن يحذّروهم من الشرك بالله - عز وجل -، وعلى الحكام أن يُنفّذوا أمر الله، وسنة رسوله، - صلى الله عليه وسلم - مستعينين بعلماء الحق على معرفة ما جهلوا من كتاب الله، أو سنة رسوله - عليه الصلاة والسلام-، وفي ذلك عزهم وشرفهم، ونجاتهم، في الدنيا والآخرة، وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين"، وقال - عليه الصلاة والسلام - "خيركم من تعلّم القرآن وعلمه"، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله"، وفي الأثر المشهور عن عثمان - رضي الله عنه - وهو مروي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أيضا -: "إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"، وقال الإمام مالك - رحمه الله -:" لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها"، وهذه الكلمة العظيمة هي قول جميع أهل العلم، والذي صلح به الأولون وصاروا به