أصحابه، رضي الله عنهم - لم يحفظ أن أحدا منهم أنكر الجمع بين أربع أو نكح أكثر من أربع، وهو أعلم الناس - بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتفسير كتاب الله، كما أنهم أعلم الناس بسنته - عليه الصلاة والسلام - كما سبق بيانه، وفي ذلك كفاية ومقنع لطالب الحق، والله المستعان وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا به.
وأما المنكر السادس، من المنكرات الستة التي سبق ذكرها، وهو زعمه أن المسلمين في إكثارهم من الصلاة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ألهّوهُ بذلك، فجوابه أن يقال: إن هذا ليس بتأليه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - والعبادة له، بل ذلك عبادة لله وحده وامتثال لأمره عزوجل - حيث قال في سورة الأحزاب: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} فقد أخبر- سبحانه- أنه وملائكته يصلون على النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أمر المؤمنين بالصلاة والسلام عليه، فدل ذلك على شرعية الإكثار من الصلاة والسلام عليه - صلى الله عليه وسلم - وأن ذلك من أفضل القربات، وقد أجمع علماء الإسلام على ذلك وصح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر بذلك ورغب فيه فقال: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل الله لي الوسيلة حلت له الشفاعة" وفي الصحيحين - واللفظ للبخاري -عن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - أن الصحابة - رضي الله عنهم - قالوا: يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ فقال: "قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد"، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، والصلاة من الله سبحانه، معناها: الثناء على عبده في الملأ الأعلى بذكر صفاته الحميدة، وأعماله الجليلة، ومن العباد طلبهم ذلك من الله سبحانه، ويراد بالصلاة - أيضا - الثناء من الله سبحانه على عبده