من الغزو والحرب ونسوا الزكاة والصلاة وأصبح الدين اسما لا معنى له، فأراد محمد بن عبد الوهاب أن يجعل من هؤلاء الأعراب الجفاة المشركين قوما مسلمين حقا على نحو ما فعل النبي بأهل الحجاز منذ أكثر من أحد عشر قرناً.

ومن الغريب أن ظهور هذا المذهب الجديد في نجد قد أحاطت به ظروف تذكر بظهور الإسلام في الحجاز، فقد دعا صاحبه إليه باللين أول الأمر فتبعه بعض الناس، ثم أظهر دعوته فأصابه الاضطراب وتعرض للخطر، ثم أخذ يعرض نفسه على الأمراء ورؤساء العشائر، كما عرض النبي نفسه على القبائل، ثم هاجر إلى الدرعية وبايعه أهلها على النصر، كما هاجر النبي إلى المدينة، ولكن ابن عبد الوهاب لم يرد أن يشتغل بأمور الدنيا فترك السياسة وأصحابها أداة لدعوته، فلما ثم له هذا دعا الناس إلى مذهبه، فمن أجاب منهم نجا، ومن امتنع أغرى عليه السيف وشب عليه الحرب، وقد انقاد أهل نجد لهذا المذهب وأخلصوا له الطاعة، وضحو بجياتهم في سبيله على نحو ما انقاد العرب للنبي وهاجرو معه.

ولولا أن الترك والمصريين اجتمعوا على حرب هذا المذهب، وحاربوه في داره بقوى وأسلحة لا عهد لأهل البادية بها لكان من المرجو أن يوحد هذا المذهب كلمة العرب في القرن الثاني عشر والثالث عشر للهجرة، كما وحد ظهور الإسلام كلمتهم في القرن الأول.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015