مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ} [ق: 38]، نفي التعب لكمال القدرة ونهاية القوة، وقوله: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} [الأنعام: 103]، نفى الإدراك ـ أي الإحاطة ـ لكمال العظمة، بحيث لا يحاط به إذا رئي، وقوله: {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} [الكهف: 49]، نفى الظلم لاتصافه بكمال العدل، وقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فاطر: 44]، نفى العجز لما ذَيَّل به الآية من كمال العلم والقدرة.

وكذلك النقائص المنفصلة فإن نفيها دليل على كمالات وجودية، كقوله تعالى: {وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ} [سبأ: 22]، وقوله: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} [الأنعام: 101]، نفى الشريك والظهير والولد والصاحبة لكمال غناه وقهره وملكه، وكقوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: 4]، وقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11]، نفى الكفء والمثل لتفرده بصفات الكمال المطلق (?).

أما الصفات السلبية المحضة التي درج المتكلمون على ذكرها مفصلة في كتبهم الكلامية (?) فإنها لا تدل على الكمال أصلا, فضلا أن تحقق ما يفيده المثل الأعلى من الكمال المطلق، ولهذا قال القاضي علي بن علي بن أبي العز الحنفي: "النفي المجرد مع كونه لا مدح فيه، فيه إساءة أدب، فإنك لو قلت للسلطان: أنت لست بزبال ولا كساح ولا حجام ولا حائك لأدَّبك على هذا الوصف وإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015