وقد شرط عليهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن لا يظهروا أعيادهم في بلاد المسلمين، فإذا كانوا ممنوعين من إظهار أعيادهم في بلادنا، فكيف يسع المسلم فعلها؟ هذا مما يقوي طمعهم وقلوبهم في إظهارها، وإنما منعوا من ذلك لما فيه من الفساد، إما لأنه معصية، وإما لأنه شعار الكفر. والمسلم ممنوع من ذلك كله. وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اجتنبوا أعداء الله في دينهم، فإن السخط ينزل عليهم. فموافقتهم في أعيادهم من أسباب سخط الله تعالى لأنه إما محدث وإما منسوخ.
والمسلم لا يقر على واحد منها. وكما لا يحل التشبه بهم في أعيادهم، فلا يعان المسلم المتشبه بهم في ذلك، كما لا يحل بيع العنب لمن يعصرها خمراً. ومن صنع في أعيادهم دعوة لم يجب إليها، ومن أهدى من المسلمين هدية في هذه الأعياد مخالفة العادة، وهي مما فيه تشبه بهم، لم تقبل هديته.
واعلم أن نفي مخالفتهم أمر مقصود للشارع؛ لأن الكفر بمنزلة مرض القلب وأشد، ومتى كان القلب مريضاً لم يصح من الأعضاء؛ وإنما الصلاح أن لا يشبه القلب في شيء من أمور الكافر أنها كلها إما فاسدة وإما ناقصة. فالحمد لله على نعمة الإسلام التي هي أعظم النعم، وأم كل خير كما يحب ربنا ويرضى. فموافقتهم فيما هو منسوخ بشريعتنا قبيح، وأقبح منه ما أحدثوه من العبادات أو العادات؛ فإنه مما أحدثه الكافرون، وموافقة المسلمين