يلْزم لإيجاد نقطة فِي مَكَانهَا الصَّحِيح قدرَة مُطلقَة تَسْتَطِيع إِيجَاد الْكَوْن كُله وَذَلِكَ لِأَن كل حرف من حُرُوفه وَلَا سِيمَا مَا كَانَ ذَا حَيَاة لَهُ وَجه نَاظر إِلَى كل جملَة من جمل الْكتاب وَله عين شاخصة إِلَيْهَا بل إِن كل كلمة فِيهِ لَهَا ارتباط وثيق مَعَ كَلِمَات الْكتاب كلهَا فَالَّذِي خلق عين الْبَعُوضَة إِذا هُوَ خَالق الشَّمْس أَيْضا وَالَّذين نظم معدة البرغوث هُوَ الَّذِي ينظم الْمَنْظُومَة الشمسية فَإِن شِئْت رَاجع كتاب السنوحات لترى حَقِيقَة الْآيَة الْكَرِيمَة {مَا خَلقكُم وَلَا بعثكم إِلَّا كَنَفس وَاحِدَة}
ولتشهد كَيفَ يقطر شهد الشَّهَادَة الصادقة من لِسَان معْجزَة الْقُدْرَة النَّحْل الَّذِي يمثل كلمة صَغِيرَة من هَذَا الْكتاب أَو إِن شِئْت فَتَأمل فِي نقطة من هَذَا الْكتاب فِي حَيَوَان مجهري لَا يرى بِالْعينِ الْمُجَرَّدَة لتشهد كَيفَ أَنه يمثل نموذجا مُصَغرًا للكائنات فَالَّذِي كتبه على هَذِه الصُّورَة المعجزة قد كتب الكائنات فَلَو أمعنت النّظر فِيهِ لرأيته يضم من المكائن الدقيقة والأجهزة البديعة مَا يثبت لَك يَقِينا أَنه لَا يُمكن أَن يُفَوض أمره