فالإيمان المجمل - أو التوحيد - الذي لا يتصور أي قدر من الأعمال فيه، إنما كان في أول دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو أصل دعوة الرسل جميعاً عليهم السلام - بمكة قبل نزول الشرائع، وهو الذي يعني مجرد المعرفة والتصديق والالتزام القلبي بالطاعة والقبول لشرائع الله مع ترك أعمال الشرك الأكبر التي كان عليها القوم قبل الدعوة، إذ لم يكن ثمة شرائع ولا أعمال يكلف بها المؤمنين حينئذ، فكان إيمانهم هو تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم والإقرار بالرسالة جملة وعلى الغيب، خلاف ترك الأعمال الناقضة للتوحيد الداخلة في أصل الدين، كدعاء غير الله دعاء عبادة ومسألة، أو التحاكم إلى غير الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولما كمل الدين ونزلت الشرائع وتحددت الأعمال المطلوبة من المسلمين، تحدد منها قدر جعله الله تعالى شرطاً في صحة الإيمان - على حسب تعبير صاحب المعارج - وإن اختلف أهل السُّنَّة في هذه الأعمال المشترطة للصحة (?)