كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه، وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له ... "1
فهذه صورة لما كان عليه حال الصحابة وما كان من شأنهم في تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره ومراعاة أموره والتبرك بآثاره.
ولما نزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ} 2.
ما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يستفهمه3 وقال البيهقي: إن هذه الآية "نزلت في ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري كان إذا جالس النبي صلى الله عليه وسلم يرفع صوته إذا تكلم، فلما نزلت هذه الآية انطلق مهموما حزينا فمكث في بيته أياما مخافة أن يكون قد حبط عمله.
وكان سعد بن عبادة4 جاره، فانطلق حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "اذهب فأخبر ثابت بن قيس أنك لم تُعْنَ بهذه الآية ولست من أهل النار بل أنت من أهل الجنة فاخرج إلينا فتعاهدنا " ففرح ثابت