ولذلك فإنه لم يبق للإنسان إلا أن يختار أي الطريقين يسلك قال تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً} 1 وليتحمل بعد ذلك مسؤولية ما قدم من عمل كما قال تعالى: {بَلِ الإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ} 2، وقال تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنْسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى، ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الأِوْفَى} 3
وإن المسلم الواعي العارف لأمور دينه يعلم أن الخير كل الخير في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والتمسك بسنته والسير على هديه، وأن الشر كل الشر في البعد عن سنته ومخالفته. ولذا تراه حريصا على سنة المصطفى متمسكا بها في كل أحواله وفي الوقت نفسه يحذر أشد الحذر من مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم والبعد عن سبيله ومنهجه. ومثل هذا الاعتقاد يجب على كل مسلم أن يعتقده ويطبقه في أقواله وأعماله ليسعد وينجو في دنياه وآخرته.
ومما يؤسف له أن كثيرا من المسلمين لا يولي هذا الجانب اهتمامه وعنايته بل تراه على النقيض من ذلك حتى إن بعضهم ليس له من الإسلام إلا اسمه فقط ذلك لأن أقواله وأفعاله مناقضة للشرع ولا تمت إليه بصلة، وتراه كذلك راغبا عن سنة المصطفي متحاكما في أكثر شؤونه وأحواله إلى غير الكتاب والسنة. ومن كانت هذه صفاته فالإسلام منه براء وهو بريء من الإسلام فقد قال صلى الله عليه وسلم: "من رغب عن سنتي فليس مني"