فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم انحرف عن عبادة الله إلى عبادة الطاغوت وعن طاعته ومتابعة رسوله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته، وهؤلاء لم يسلكوا طريق الناجين الفائزين من هذه الأمة وهم الصحابة ومن تبعهم ولا قصدوا قصدهم بل خالفوهم في الطريق والقصد معا، ولو لم يكن في القرآن المجيد من الزجر عن اتباع القوانين البشرية غير هذه الآية الكريمة لكفت العاقل اللبيب، فكيف والقرآن الكريم كله يدعو إلى تحكيم ما أنزل الله، وعدم تحكيم ما عداه1.
وبما تقدم من آيات يعلم المسلم خطورة مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم والإعراض عن سنته ومنهجه والشرع الذي جاء به من عند ربه.
فالآيات السابقة وما كان على منوالها فيها خطاب لكل معرض عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومنهجه وشرعه الذي جاء به، وهي بما تضمنته من الوعيد الشديد بمثابة الإنذار لكل من كان على هذه الحال لكي يكون على بينة من أمره فيعلم على أي ذنب قد أقدم ولأي جرم قد ارتكب {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ} 2 وذلك قبل أن يكون من أولئك الذين يتحسرون ويعضون أيديهم ندما في يوم القيامة {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً، يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً} 3. ومعلوم أن كل من ترك ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه قائل لهذه المقالة لا محالة. فنعوذ بالله ممن هذه حاله ويوم القيامة تكون نار جهنم مآله وقراره.