أتيت هذا الرجل فإن كان كاذبا لم يخف عليّ، وإن كان صادقا اتبعته، فأقبلت فلما قدمت المدينة استشرف لي الناس وقالوا: جاء عدي بن حاتم، جاء عدي بن حاتم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لي:

43 - يا عدي بن حاتم، أسلم تسلم، قال: قلت: إن لي دينا، قال: أنا أعلم بدينك منك - مرتين أو ثلاثا - ألست ترأس قومك؟ ، قال: قلت: بلى، قال: ألست تأكل المرباع؟ ، قال: قلت: بلى، قال فإن ذلك لا يحل لك في دينك، قال: فتضعضعت لذلك، ثم قال: يا عدي بن حاتم، أسلم تسلم، فإني قد أظن - أو قد أرى، أو كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - أنه ما يمنعك أن تسلم خصاصة تراها من حولي، وتوشك الضعينة أن ترحل من الحيرة بغير جوار حتى تطوف بالبيت، ولتفتحنّ علينا كنوز كسرى بن هرمز، وليفيضنّ المال - أو ليفيض - حتى يهم الرجل من يقبل منه ماله صدقة، قال عدي بن حاتم: فقد رأيت الضعينة ترحل من الحيرة بغير جوار حتى تطوف بالبيت، وكنت في أول خيل أغارت على المدائن، على كنوز كسرى بن هرمز، وأحلف بالله لتجيئنّ الثالثة إنه لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لي (?) تأمل هذا الحوار من أكرم الخلق مع من لا يؤمن بدينه ولا نبوته، أسلوب عظيم أقام الحجة في أدب رفيع، يكرر يا عدي بن حاتم تكريما للمدعو، فتقوم الحجة ويسلم عدي بن حاتم - رضي الله عنه -، وتكون حرية الرأي في الإسلام مطلقة في كل ما يعود على الناس بالخير في الدنيا والآخرة، تقال بدون تحفظ ولو أدت إلى الموت قال - صلى الله عليه وسلم -:

44 - (أفضل الجهاد كلمة عدلٍ عند سلطانٍ جائر) (?) أي حرية في الرأي أعظم من هذا، لكن ما هو الرأي؟ ، الرأي العدل الصائب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015