وتاريخهم، وتدبروهما لاستولى عليهم الحياء حين يشاهدون هؤلاء المسلمين ذوي غيرة على عبادتهم وتقواهم وتصدّقهم، وإلى أي حد هم متفانون في إخلاصهم، قانتون في مساجدهم، وإلى أي حد هم مطيعون لرئيسهم الروحي، حتى أن الحاكم لا يحاول أمرا إلا بعد مشورة المفتي، وإلى أي حد هم مهتمون بمراعاة أوقات الصلوات الخمس، في كل يوم حيث وجدوا، وأيا كانت مشاغلهم، ما أشد مراعاتهم دائما لصومهم، من الصباح حتى المساء، طول أيام الشهر بلا انقطاع، وما أكثر توادّ المسلمين وتراحمهم، وما أعظم ما يرى من عنايتهم بالغرباء في نزلهم، سواء بالفقير أم بالنازح المسافر، لو تأملنا عدالتهم ونزاهتهم، وسائر فضائلهم الخلقية، لخجلنا من جمودنا، سواء في عبادتنا، أم في تراحمنا، ولخجلنا من جورنا وإفراطنا وتعسفنا، ولا ريب أن هؤلاء الناس سيقيمون الحجة علينا، ولا شك أن عبادتهم وتقواهم وأعمالهم والرحمة فيهم هي الأسباب الرئيسة لنمو الدعوة المحمدية" (?).

ويقول مستشرق آخر أشد عداوة للإسلام من هذا: "نجد كثيرين من الإغريق من ذوي المواهب العالية والميزات الخلقية، قد بلغ من تأثرهم بتفوق المسلمين، أنهم حتى عندما كانوا يتجنبون الاندماج في خدمة السلطان (?)، بأداء ضريبة الأبناء، كانوا يدخلون في دين محمد بمحض إرادتهم".

إن ما يعزوه المنصفون من المستشرقين من فضائل وأخلاق حسنة إلى المسلمين، مرده الإسلام نفسه الذي لا يعرف إلا الكمال في كل فضيلة، ومن قرأ تأريخ الإسلام بفقه وتجرّد، لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015