(4)
في الصدر الأول للإسلام لم تكن بعض الفوارق بين الرجل والمرأة مصدر قلق لا للرجل ولا للمرأة، والسبب في ذلك قبول الطرفين الإيمان بقداسة الرسالة، وأنها من خالق عليم خبير، فلم يتطرق الشك إلى نفوس المؤمنين في أن ذلك هو العدالة عينها، فالله هو خالق الإنسان الذكر والأنثى، وجعل لكل منهما صفات خلقية يتميز بها عن الآخر، وعلى ضوء تلك الصفات أناط بهما تكاليف منها ما يشتركان فيه، ومنها ما ينفرد به أحدهما عن الآخر، فقد ساوى الله - عز وجل - بينهما في الخلق: أصله وأطواره، ولا فرق بين الذكر والأنثى في ذلك، وكذلك ساوى بينهما في الصورة والملامح والأعضاء إلا ما يتعلق بالتناسل، لما يترتب على ذلك من عمارة الأرض، فخصّ الرجل بجانب من ذلك، وأوجد له مكوناته الخلقية، وجعل له من القوة والخشونة ما يناسبه، وأعطى المرأة الجانب الأهم وخصّها بمكوناته الخلقية، وجعل لها من اللّطف والرقة ما يناسبها، والأمر فيهما أشبه ما يكون بالسالب والموجب، لا يستغنى في الحياة عن تكاملهما، وإذا تساويا بطل التكامل، وفسد الأمر، ومن هنا كان الرجل يتولىّ المهام الصعبة، والأعمال الشاقة، فهو لها وفارس ميدانها، لما فطر علية من الخشونة، وقوة الجسم والجسارة، الشيء الذي لا تتمتع به المرأة فطريا، وهذا جليّ ومن تأمل قصة موسى - عليه السلام - يعلم