ونعود بعد هذا إلى المنفق على المولود أبا كان أو غيره، ونقول إن لهما أي الأبوين، أو المنفق والمرضعة سواء كانت الأم أو أخرى، فإن عليهما حالة الفطام التشاور فيما هو منفعة للطفل، فإذا شاورا غيرهما من أهل الخبرة كالطبيب مثلا، واتفقا وتراضيا على أن فصل المولود عن الرضاع دون الحولين لا يضربه فلا حرج في ذلك، أخذا من قوله تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} (?) وليعلم أن للأب الحق في أن يسترضع للمولود غير أمه، وذلك في حالتين:
الأولى: حالة الوفاق مع الأم على استرضاع الغير، فعلى الأب أن يسلم للمرضعة ما اتفقا عليه أجرة الإرضاع، بطيب نفس وبشر وكرم، وبما هو متعارف عليه في ذلك، لما في ذلك من المصلحة للطفل في رعايته وتربيته، لأن المنازعة في ذلك تنعكس ضررا على المولود.
والثانية: حالة الخلاف مع الأم وقد أرضعت المولود وقتا ثم وقع الخلاف، فإن على الأب أن يسترضع غيرها بعد أن يسلم للأم ما فرض لها، أخذا من قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ} (?) وهذا نظير قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} (?) ولتنفيذ ذلك على الوجه الشرعي من جميع الأطراف: الأب والأم والوارث والمسترضعة، قال تعالى: