وَبَعْدَ هَذَا، فَالْكَلامُ مَعَ الشَّبَابِ: فَإِنَّ زَمَانَ الْعَمَلِ وَالْمُجَاهَدَةِ فِي تَرْكِ الْهَوَى وَالْبَطَالَةِ.
وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((الشَّبَابُ شُعْبَةٌ مِنَ الْجُنُونِ)) .
وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَلَّ مَا يَخْطُبُ إلا قال: إن شرخ الشباب والشعر الأسود مَا لَمْ يُعَاضَ كَانَ جُنُونَا.
وَقَالَ أَبُو مُوسَى: جُنُونُ الشَّبَابِ جُنُونٌ.
وَقَالَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ: اتَّقُوا سِنَّ الشَّبَابِ إِنَّمَا الشَّبَابُ جُنُونٌ.
وَقَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: إِنَّمَا الْخَيْرُ فِي الشَّبَابِ.
وَقَدْ رُوِّينَا: أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: {أَيُّهَا الشَّابُّ التَّارِكُ شَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِي، أَنْتَ عِنْدِي كَبَعْضِ مَلائِكَتِي} .
وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ طَالَعَ سَيْرَ السَّلَفِ عَاشَ قَلْبُهُ الْمَيِّتُ بِالْهَوَى، وَمَنْ تَفَكَّرَ فِي الْعَوَاقِبِ فَقَدِ اسْتَعْمَلَ غَايَةَ الدَّوَاءِ، وَأَقْرَبُ الأَشْيَاءِ إِلَى السَّلامَةِ مُفَارَقَةُ مَنْ ضل وغوى.