فإعجاب المرء بنفسه دليل على جهله بها وبحقيقتها، لذلك تجد الموضوع الرئيسي في القرآن بعد التعريف بالله هو التعريف بالإنسان وبأصله وحقيقته من ضعف وجهل، وعجز، واحتياج دائم إلى ما يصلحه ويقيمه.
ويعرفنا القرآن كذلك بطبيعة النفس وأنها أمارة بالسوء ... لديها قابلية للفجور والطغيان ... تحب الاستئثار بكل خير .. لا تنظر للعواقب ..
من خلال عرضه الدائم لعبادة الكون وما فيه من مخلوقات لله عز وجل، كقوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 38].
وقوله: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20].
ويعرض الكثير من نماذج الذين استسلموا لهذه الأمراض فأهلكتهم؛ كإبليس، وقارون، وفرعون، وصاحب الجنتين.
فعلى سبيل المثال: خطاب القرآن لليهود، وتذكيرهم بما فعلوه، يحمل في طياته أيضًا وصفة علاج لهم، إذا ما أرادوا الشفاء مما هم فيه، ومن ذلك مطالبتهم بذكر نعم ربهم عليهم ليكفوا عن طغيانهم {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ التي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة: 122].
ومع ذكر النعم، عليهم كذلك تذكر الآخرة وما فيها من أهوال {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ}.