شكل 4 - 1: من عرب وادي النيل (مصر العليا، من صورة فوتوغرافية التقطها المؤلف).
ولا بد لنا من النظر إلى تاريخ مصر وأحوال العيش الخاصة فيها لإدراك أسباب السرعة في استيلاء العرب على مصر، ولفهم سر تأثيرهم فيها.
وترجع بعض الآثار المصرية القديمة إلى ما قبل سبعة آلاف سنة أو ثمانية آلاف سنة، كما دلت عليه المباحث الحديثة، ومهما بعدنا في الرجوع إلى عصور التاريخ وجدنا المصريين أصحاب حضارة راقية.
ونجهل مصدر حضارة قدماء المصريين تماماً، وإن كنا نعلم أنها أقدم من جميع الحضارات التي أينعت على شواطئ البحر المتوسط، وأنها قامت على ضفتي النيل قبل أن تقتبس الشعوب الإغريقية منها فنونها ومعتقداتها بقرون كثيرة.
وظن العلماء المعاصرون، حين أحيوا بمباحثهم مصر الغابرة، أنها لم تتبدل مع الزمن، ولكن إنعام النظر في آثارها التي تمت في مختلف الأدوار يدل على أنها لم تشذ عن سنة التطور العامة، وإن سارت حضارتها ببطء فيما مضى.
ويظهر أن كل شيء ثابت خالد في معابدها ذات الأبواب الهائلة، وفي أهرامها التي تتحدى الدهر، وفي تحنيطها الذي يزري بسنة الزمن، ونُظُمها التي تحرم كل تغيير وتبديل.
ولم يسهل، والحالة هذه، على الفاتحين أن يؤثروا في أمة تلك حضارتها، فلقد تتابع غزو الأجنبي لمصر فظلت ثابتة على قديمها، واستولى الأغارقة والرومان على مصر من