بني المسجد الأقصى في الحرم القدسي، وهو قديم أيضاً، وأصل المسجد الأقصى كنيسة بناها القيصر جوستنيان تبجيلاً للعذراء، وحولها العرب إلى مسجد بأمر الخليفة عمر، ثم هدم الزلزال المسجد الأقصى، وجدد بناؤه في سنة 785 م، ثم نالته يد الإصلاح وأكسبته مسحة عربية مع الزمن، ولو في الجزئيات على الأقل، ثم رممه صلاح الدين في سنة (583 هـ /1187 م)، ثم جدد في القرن الخامس عشر من الميلاد، بعض أجزائه، كرواقه مثلاً.
ويشتمل المسجد الأقصى على أعمدة أخذت من مبان كثيرة، ونرجح أن صحونه المركزية، التي هي على الطراز البيزنطي، أنشئت في القرن السابع.
وأقواس المسجد الأقصى مصنوعة على رسم البيكارين على العموم، وسكن الصليبيون المسجد الأقصى، واتخذوا دهليزه مستودعاً لأسلحة فرسان الهيكل.
ويحتوي المسجد الأقصى على محراب أنيق مزين بالفسيفساء، وتدل كتابته على أن صلاح الدين هو الذي أنشأه في سنة (583 هـ/1187 م)، وأقيم منبره العجيب المصنوع من الخشب المنقور المرصع بالعاج والصدف في سنة 564 هـ/1168 م) ويعود زجاج نوافذه التي تعلو محرابه إلى القرن السادس عشر من الميلاد.
ويرى في جانبي المسجد الأقصى كوتان طريقتان للصلاة؛ أحدهما: ذات أعمدة مبرومة، وحنايا مصنوعة على رسم البيكارين، وتدعي محراب عمر على زعم أن عمر صلى فيه، وتدعى الأخرى: محراب زكريا عادة.
مباني العرب الأخرى في القدس أقل أهمية مما ذكرناه آنفاً، ونكتفي بأن نذكر منها: باب دمشق الجميل الذي جدد السلطان سليمان بناءه، وإن شئت فقل رممه، في سنة (944 - 1537 م).
ونحن إذا استثنينا المباني الأثرية الأخرى القليلة، ككنيسة القيامة، لم نر في القدس غير المباني العصرية، وللنفوذ الأوربي في القدس أثر ظاهر مؤد إلى نزع طابعها الشرقي بالتدريج، والمرء حينما يقترب من القدس عن طريق يافا، يشعر بتبدد أحلامه، فهو يرى أديار الرهبان والمشافي والقنصليات الكثيرة فيظن نفسه في ضاحية إحدى المدن الكبيرة،