فيكررون الدعوة إلى تطوير دراسة النحو والصرف، وإقامتها على أساس دراسات الغربيين لعلم اللغة العام أو ما يسمونه (General Linguistics). وقد اجتمع القائمون على تدريس اللغات العربية والإِنجليزية والفرنسية في واحد من هذه المؤتمرات الجامعية التي تُعقد للتطوير، فسمعنا أعجب ما سمعه العرب على امتداد التاريخ في الدراسات اللغوية والأدبية. سمعنا كلاماً كثيراً في مهاجمة ما سموه الأساليب العتيقة في دراسة النحو والصرف، وفي الدعوة إلى توسيع دائرة الدراسات الأدبية لتخرج عما سموه (أدب القصور) أو (الأدب الرسمي) وتشمل ما زعموه (أدب الشعب). والمقصود به هو الحكايات والأسمار المكتوبة بغير العربية الفصيحة أو السليمة. وبلغ من حماقة بعض المناصرين لهذه الدعوة من أساتذة اللغة العربية وآدابها أن كشف الستار عن الهدف الحقيقي لهذه الدعوة، فصرح بأن اللهجة العامية أصلح للتعبير عن حاجات المجتمعات الحديثة وأكثر طواعية في الإِفصاح عن حاجاتنا العقلية والعاطفية لأنها لغة حية، بينما اللغة التي نسميها العربية الفصحى لغة ميتة. وشارك في مناصرة إلدعوة عدد من أعضاء هيئة التدريس في أقسام اللغات الأجنبية. وتندَّر بعضهم بمجمع اللغة العربية في مصر، فذكر - من باب السخرية بأعماله وإنتاجه - ما أطلقه على (الساندويتش) حين سماه (شاطر ومشطور وبينهما طازج). وحقيقة الأمر في ذلك أن المجمع سماه (شَطِيرة) وجمعها (شطائر). ولم يشفع لهذا المجمع عندهم أن أحد أعضائه كان يدعو في الأربعينيات من هذا القرن إلى الكتابة بالحروف اللاتينية (?). ولم يشفع له عندهم أن رئيساً سابقاً له دعا في فجر حياته إلى تمصير اللغة العربية (?). ولم يشفع له عندهم أنه قاد في المؤتمر الأول للمجامع اللغوية العربية في دمشق سنة 1956 دعوة إلى تطوير اللغة العربية ومزجها باللهجات العامية (?) هذا المجمع بكل ما ابتلى به من انحراف لم يبلغ عند هؤلاء الدعاة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015