النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنكن صواحب يوسف» (?)، فما معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة رضي الله عنها؟
يريد - صلى الله عليه وسلم - كما فعلت امرأة العزيز: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكًا وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ} (?)، ظاهر الأمر أنها تريد إكرام أولئك النسوة إذ أحضرت الفاكهة والسكاكين ومتكأ ليأكلن، وحقيقة الأمر أنها كانت تريد أن تريهن يوسف - عليه السلام -. فالنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول لعائشة أنت تقولين رجل أسيف وأنت ما تريدين أنه رجل أسيف، ولكن أنت تريدين شيئًا آخر في نفسك، وقد صرحت عائشة رضي الله عنها بهذا فقالت كما في البخاري: «لقد راجعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، وما حملني على كثرة مراجعته إلا أنه لم يقع في قلبي أن يحب الناس بعده رجلًا قام مقامه أبدًا، ولا كنت أرى أنه لن يقوم أحد مقامه إلا تشاءم الناس به، فأردت أن يعدل ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أبي بكر»، فهذا معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إنكن صواحب يوسف».
...
روى البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما حضر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هلُّم أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده. فقال عمر: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله. فاختلف أهل البيت فاختصموا، منهم من يقول قرِّبوا يكتب لكم النبي - صلى الله عليه وسلم - كتابًا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قوموا» (?).
استغل المبتدعة هذا الحديث للطعن في عمر - رضي الله عنه - من وجوه، منها: أنه رد قول النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقواله كلها وحي، لقوله تعالى: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ