الغزيرة الدالة على حسن معاشرة المسلمين لجيرانهم، وتسامح الفاتحين المسلمين مع أهل البلاد التي يغزونها، فكما يقول جوستاف لوبون (?): «أُكرِهَت مصر على انتحال النصرانية، وهبطت بذلك إلى دركات الانحطاط مقدارًا فمقدارًا إلى أن جاء الفتح العربي ... ولقد فتح القائد عمرو بن العاص بلاد مصر في السنة الثامنة عشرة من الهجرة (639م) ... وهو لم يتعرض إلى ديانتهم ولا إلى نظمهم ولا عاداتهم، ولم يطالبهم بغير جزية سنوية قدرها خمسة عشر فرنكًا عن كل رأس مقابل حمايتهم، فرضي المصريون بذلك شاكرين»، ويقول ألفرد بُتلر (1850 - 1936م) (?): «إن فتح العرب لمصر كان بركة على المصريين خفض عنهم وطأة الضرائب» (?).
وقارن هذا بما صرح به الأنبا بيشوي، مكرم إسكندر، سكرتير المجمع المقدس بالكنيسة المصرية والرجل الثاني فيها، معتبرًا المسلمين بأنهم: «ضيوف حلُّوا علينا ونزلوا في بلدنا»، وأضاف مستنكرًا: «ألا يكفي أن الجزية فرضت علينا وقت الفتح العربي؟» (?).
ولكن دع عنك هذا الافتراء (?)، وتأمل بركة الفتح الإسلامي فيما يشير إليه الإمام ابن خلدون رحمه الله (732 - 808هـ) في قوله (?): «من الغريب الواقع أن حَمَلة العِلم في الملة الإسلامية أكثرهم العجم، [وليس في العرب حملة علم]، لا [في] العلوم الشرعية ولا [في] العلوم العقلية إلا في القليل النادر. وإن كان منهم العربي في نسبه، فهو أعجمي في