مواضع عساكرهم وأحاطوا بعثمان وقالوا: من كف يده فهو آمن، وصلى عثمان بالناس أيامًا ولزم الناس بيوتهم، ولم يمنعوا أحدًا من كلام، فأتاهم الناس فكلموهم وفيهم علي فقال: ما ردَّكم بعد ذهابكم ورجوعكم عن رأيكم؟ قالوا: أخذنا مع بريد كتابًا بقتلنا، وأتاهم طلحة فقال البصريون مثل ذلك، وأتاهم الزبير فقال الكوفيون مثل ذلك، وقال الكوفيون والبصريون: فنحن ننصر إخواننا ونمنعهم جميعًا، كأنما كانوا على ميعاد، فقال لهم علي: كيف علمتم يا أهل الكوفة ويا أهل البصرة بما لقي أهل مصر وقد سرتم مراحل ثم طويتم نحونا؟ هذا والله أمر أبرم بالمدينة»، فأفصحوا عن هدفهم وقالوا جهرة: «ضعوه ما شئتم، لا حاجة لنا في هذا الرجل، ليعتزلنا ونحن نعتزله» (?).

يقول محب الدين الخطيب (?): «الذين شاركوا في الجناية على الإسلام يوم الدار طوائف على مراتب: فيهم الذين غلب عليهم الغلو في الدين، وفيهم الذين ينزعون إلى عصبية يمنية على شيوخ الصحابة من قريش، وفيهم الموتورون من حدود شرعية أقيمت على بعض ذويهم، وفيهم من أثقل كاهله خير عثمان ومعروفه نحوه، فكفر معروف عثمان عندما طمع منه بما لا يستحقه من الرئاسة والتقدم بسبب نشأته في أحضانه، وفيهم من أصابهم من عثمان شيء من التعزير لبوادر بدرت منهم تخالف أدب الإسلام، وفيهم المتعجلون بالرياسة قبل أن يتأهلوا لها اغترارًا بما لهم من ذكاء خلاب أو فصاحة لا تغذيها الحكمة فثاروا متعجلين بالأمر قبل إبانة (?)،

وبالإجمال فإن الرحمة التي جبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015