مترامية الأطراف، تآمروا حينئذ على سفك دم عمر، وقد ظن المجوس الذين قتلوا عمر أنهم قد قتلوا الإسلام بقتله، ولكن ما لبثوا أن علموا أنهم باءوا من هذه بمثل الذي باءوا به من تلك، وحفظ الله رسالته، وحاط دعوة الحق بعين عنايته وجميل رعايته، وعادت جيوش الإسلام في خلافة ذي النورين توغل فيما وراء إيران، وتفتح لكلمة الله آفاقًا أخرى متجاوزة الحد المنيع الذي كانوا يسمونه (باب الأبواب)، حينئذ أيقن المجوس واليهود أن الإسلام إذا كان إسلامًا محمديًا صحيحًا لا يمكن أن يحارب وجهًا لوجه في معارك شريفة سافرة، ولا سبيل إلى سحقه باغتيال أئمته وعظمائه. فأزمعوا الرأي أن يتظاهروا بالإسلام، وأن ينخرطوا في سلكه، وأن يكونوا الطابور الخامس (?)
في قلعته» (?).
يقول الإمام ابن حزم (?): «إن الفرس كانوا ذوي سعة وعلو يد على جميع الأمم وجلالة الخطر في أنفسها بحيث إنهم كانوا يسمون أنفسهم الأحرار والأسياد، وكانوا يعدون سائر الناس عبيدًا لهم، فلما امتحنوا بزوال الدولة عنهم على أيدي العرب، وكان العرب عند الفرس أقل الأمم خطرًا، تعاظمهم الأمر، وتضاعفت لديهم المصيبة، وراموا كيد الإسلام بالمحاربة في أوقات شتى، وفي كل ذلك يظهر الله الحق» اهـ.
وقد كان لحلول اليهود إلى بلاد فارس منذ أن سباهم بُخْتَنَصَّر، ولامتزاج الدم اليهودي بالفارسي، دور كبير في تأثر ديانة الفرس باليهودية، بل وفي تسرب بعض عقائد