تبين للدارس أن الغيرة على الدين هي التي دفعت بالمصلحين إلى اتخاذ مواقف المطالبة بإصلاح الكنيسة أو تطبيق الدين في الحياة السياسية كما ورد في دفاع الراهب سافونارولا، لا استبعاده وإهماله والتخلي عنه برمته».

ولكن مساعي الإصلاح تلك لم تتوجه إلى المسار السليم، فكما يقول الندوي رحمه الله (?): «ولكن حمية الجاهلية والسدود التي أقامتها الحروب الصليبية بين الغرب المسيحي والشرق الإسلامي ودعاية الكهنة ورجال الكنيسة ضد الإسلام وصاحب رسالته - صلى الله عليه وسلم -، وعدم تجشم التعب والمطالعة، وقلة الحرص على النجاة الأخروية والاهتمام بما بعد الموت، زد إلى ذلك تفريط المسلمين في الدعوة إلى الله، ونشر الإسلام في أوروپا ... كل ذلك منعهم من الرجوع إلى الدين الإسلامي والأخذ به في ساعة كانوا يحتاجون إليه حاجة السليم إلى راق والمسموم إلى ترياق» اهـ.

ولقد ترجمنا لهذا الراهب الفلورنسي على وجه الخصوص لأنه يُنظر إليه أحيانًا باعتباره بشيرًا لظهور مارتن لوثر Martin Luther (1483 - 1546 م) والإصلاح الپروتستانتي، رغم أنه بقي كاثوليكيًا طيلة حياته؛ فيقول ديورانت (?): «كان عنيفًا في اتهاماته عنيدًا في سياسته، لقد كان پروتستانتيًا قبل أن يجيء لوثر، ولكن پروتستانتيته لم يكن لها معنى إلا أنها الدعوة لآراء الكنيسة القائمة، ولكن ذكراه أصبحت قوة تملأ عقول الپروتستانت؛ ولذلك لقبه لوثر بالقديس» اهـ.

ولقد علت مع لوثر أصوات أخرى تدعو إلى إصلاح الكنيسة، كان من أشهرها صوت السويسري هولدريش زوينجلي Huldrych Zwingli (1484 - 1531 م)، والفرنسي چون كالفن Jean Calvin (1509 - 1564 م)، ولكن الذي يعنينا هنا، كي لا نحيد عن مسار البحث، هو الحديث بشيء من التفصيل عن مارتن لوثر ودعوته (?) ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015