انحرف التوصيف قليلًا تحت دعوى القومية أو ما شابه، فكلها رايات منكسة، {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} (?).

إذن، فإن الإشارة هنا فقط إلى أن البُعد الديني ليس بعدًا أصليًا في تاريخ الصهيونية اليهودية (?). وعملنا في هذا المبحث هو تقديم دراسة تاريخية أكثر تركيبًا للتاريخ اليهودي منذ التهجير البابلي الثاني على يد نبوخذنصر إلى الاحتلال الصهيوني لفلسطين وتبعاته، والهدف من هذه الدراسة هو تسليط الضوء على الأبعاد التي نجح الصهاينة في إخفائها عند عرضهم للتاريخ (المقدس) المعروف لدى الغالبية على هذا الوجه، والذي يحتوي على تزوير فادح وقلب للأمور رأسًا على عقب.

وهي لا شك دراسة صعبة ومتداخلة، ولم أجد في وصفها أدق من قول مايكل پريور (1942 - 2004م) (?): «إن تداخل التخصصات الأكاديمية وتعدد فروعها أوضح صعوبة الإلمام بموضوع شائك كهذا من وجهة نظر واحدة وتناوله من زاوية واحدة فقط ... وما يشتت الأفكار في تناول متنوع مثل هذا التناول أن كل عنصر فيه يُطرَح بصورة مستقلة عن بقية العناصر ... ونعلم جيدًا أنه لم يتغير أي مجتمع بسبب عامل أيديولوچي واحد فقط، سواء كان اقتصاديًا أو وطنيًا أو دينيًا. إن تفسير أي تطور تاريخي ذي أهمية بعامل واحد فقط، هو في الواقع خطأ؛ إذ تتطور النظم بتفاعل عدة عوامل».

وكما تقول باربرا تخمان (?): «يكاد يكون من المستحيل المحاولة للوصول إلى تقارير أو أبحاث حول عملية البعث الحديث للشعب اليهودي دون اليأس من التورط في متاهات يهودية داخلية وسياسات خارجية أوروپية» اهـ.

فأرجو من القارئ الكريم إطالة النفس في القراءة، وألا تصيبه السآمة مما قد يجده من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015