والإشكال الذي نواجهه هنا هو أنه، وكما يصف الأستاذ عبد المنعم شفيق (?): «بين مُسلَّمات عقدية راسخة، وأصول مستقرة، وبين واقع ضاغط على الفكر والشعور، تضطرب الرؤى وتحار العقول». إلا أنه يحضرني قول أختم به للدكتور حسن ظاظا رحمه الله (1919 - 1999م)، أستاذ العبرية بجامعة الإسكندرية، حيث قال (?): «قد يستطيع الإنسان تزييف الحقائق، وقد يسهل عليه أن يكذب حتى يصدِّق هو نفسه كل أكاذيبه، وينسى أنه مخترعها الأصلي. ولكن رغم هذا يبقى دائمًا شيء واحد: الكلمة المكتوبة منذ آلاف السنين، والآثار التي تحدد بالضبط عمر الأشياء وعمقها، ومخطوطات التاريخ التي تظل دائمًا هي المرجع وكلمة الصدق الوحيدة التي لا تميل مع أهواء البشر، وحتى إذا حدث ومالت، فبين سطورها تستطيع الحقيقة دائمًا أن تجد لها مكانًا» اهـ.
وقد سميت الرسالة: (حصان طروادة: الغارة الفكرية على الديار السُّنِّية).
وقسمتها إلى مقدمة وبابين وخاتمة:
الباب الأول: وقد عنونته بـ (حصان رومي)، ويتكون من ثلاثة فصول:
- الفصل الأول: المسلك المختار لدعوة الحوار: ونوضح فيه معنى الحوار لغة واصطلاحًا، ومتى كانت بِداءةُ تداوله كمصطلح سياسي أيديولوچي (?)، ثم نميِّز مستويات هذا الحوار وننقب عن البواعث الخفية للحوار العالمي المسيَّس للتقريب بين الإسلام والنصرانية من خلال طرح ما يسمى بـ (إشكالية الحوار والبشارة)، ثم نبين ضوابط الحوار الشرعي المحمود بين المسلمين وغيرهم. ونقيس على ذلك مساعي التقريب بين أهل السنة والجماعة والشيعة الإمامية، وقد رأيت دمجهما في فصل واحد لاتصال قواعد المسألتين نسبيًا.