منطقة الشرق الأوسط، وقف الرئيس الأمريكي چورچ بوش (الأب) في مؤتمر مدريد للسلام في 30 أكتوبر 1991م معلنًا أن «القضية في الشرق الأوسط ليست مجرد قضية إنهاء الحرب، وإنما هي قضية إنهاء العداوة».
فالعداوة التي أشار إليها - ظاهرًا - هي تلك التي بين العرب والدولة الصهيونية اللقيطة، ولكن المدقق يجد أن العبارة تحمل دلالة عميقة جدًا لم ينطق بها هذا القسيس عفويًا، لا سيما في مؤتمر عالمي أعدت أچندته بدقة. فهو لا يعنيه الحديث عن العداوة القائمة بين قوميات بقدر ما يعنيه الحديث عن عداوة من نوع آخر؛ فالغرب الذي حرَّض في الأساس نصارى الشرق (المستنيرين) على زرع بذور القومية في تربة الخلافة، وأقنعهم بأن هذا سبيلهم للتخلص من ربقة (الاستعباد المِلَلي)، ونيل الحرية والمساواة، ثم جَنَى ثمارها وحده بموجب اتفاقية (سايكس-پيكو) (?)، ولم يُبقِ لهم إلا النزر اليسير (?)،
لا يكون هو نفسه الذي يدعو إلى إنهاء العداوة القومية، وإنما يدعو لإنهاء العداوة التي من أجلها زرع بذور القومية، وهي العداوة القائمة على أسس عقائدية.
وإنهاء هذه العداوة العقائدية الأساس يقتضي - حسب أطروحة فوكوياما - نشر القيم الديمقراطية الليبرالية في المنطقة، وهو ما يستدعي بالتالي إبقاء دولة إسرائيل قائمة،