فأقام العاضد مكانه في الوزارة صلاح الدين يوسف، ولقبه الملك الناصر. قال أبو شامة: وصفة الخلعة التي لبسها صلاح الدين يومئذ عمامة بيضاء تنيسي بطرف ذهب، وثوب دبيقي (?) بطراز ذهب، وجبة بطراز ذهب، وطيلسان بطراز ذهب، وعقد جوهر بعشرة آلاف دينار، وسيف محلى بخمسة آلاف دينار، وحجره بثمانية آلاف دينار، وعليها سرج ذهب وسريسار ذهب مجوهر، وفي رأسها مائتا حبة جوهر، وفي قوائمها أربعة عقود جوهر، وفي رأسها قصبة بذهب، وفيها شدة بيضاء بأعلام بيض، ومع الخلعة عدة بقج (?) ، وخيل وأشياء أخر، ومنشور الوزارة مكتوب في ثوب أطلس أبيض؛ وكل ذلك يوم الاثنين الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع وستين؛ وكان يوماً مشهوداً، وارتفع قدر صلاح الدين بالديار المصرية، وائتلفت عليه القلوب، وخضعت له النفوس، واضطهد العاضد في أيامه غاية الاضطهاد.
فلما كان سنة خمس وستين حاصرت الفرنج دمياط خمسين يوما، فقاتلهم صلاح الدين حتى أجلاهم، وأرسل نور الدين إلى صلاح الدين يأمره أن يخطب للخليفة المستنجد العباسي بمصر؛ لأن الخليفة بعث يعاتبه في ذلك؛ فلما كان سنة ست وستين، اتفق موت المستنجد، وقام المستضيء، وشرع صلاح الدين في تمهيد الخطبة لبني العباس، وقطع الأذان بحيّ على خير العمل من ديار مصر كلها، وعزل قضاة مصر؛ لأنهم كلهم كانوا شيعة، وولى أقضى القضاة بها صدر الدين بن درباس الشافعي، واستناب في سائر الأعمال شافعية.