أبي حذيفة قد استحوذ عليها، فسار معاوية وعمرو بن العاص ليخرجاه منها، فعالجا دخول مصر، فلم يقدرا، فلم يزالا به حتى خرج إلى العريش في ألف رجل، فتحصن بها. وجاء عمرو بن العاص، فنصب عليه المنجنيق حتى نزل في ثلاثين من أصحابه فقتلوا؛ ذكره ابن جرير (?) .

ثم سار إلى مصر قيس بن سعد بن عبادة بولاية من علي، فدخل مصر في سبعة نفر، فرقي المنبر، وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين علي، ثم قام قيس فخطب الناس، ودعاهم إلى البيعة لعلي، فبايعوا، واستقامت له طاعة بلاد مصر سوى قرية منها يقال لها خربتا، فيها أناس قد أعظموا قتل عثمان، وكانوا سادة الناس ووجوههم، وكانوا في نحو من عشرة آلاف، منهم بشر بن أرطاة، ومسلمة بن مخلد، ومعاوية بن حديج وجماعة من الأكابر، وعليهم رجل يقال له يزيد بن الحارث المدلجي، وبعثوا إلى قيس بن سعد فوادعهم وضبط مصر، وسار فيها سيرة حسنة.

قال ابن عبد الحكم: لما ولي قيس مصر اختط بها دارا قبلي الجامع، فلما عزل كان الناس يقولون: إنها له، حتى ذكرت له، فقال: وأي دار لي بمصر؟ فذكروها له فقال: إنما تلك بنيتها من مال المسلمين، لا حق لي فيها (?) .

ويقال: إن قيسا أوصى لما حضرته الوفاة: إني كنت بنيت بمصر دارا وأنا واليها، واستعنت فيها بمعونة المسلمين؛ فهي للمسلمين ينزلها ولاتهم.

وكان ولاية قيس مصر في صفر سنة ست وثلاثين. فكتب معاوية إلى قيس يدعوه إلى القيام بطلب دم عثمان، وأن يكون هو أزرا له على ما هو بصدده في ذلك، ووعده أن يكون نائبه على العراقين إذا تم له الأمر. فلما بلغه الكتاب -وكان قيس رجلا حازما- لم يخالفه ولم يوافقه، بل بعث يلاطف معه الأمر؛ وذلك لبعده من علي، وقربه من بلاد الشام؛ وما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015