بَين هَاتين الخصلتين لقد قَامَ عوده وأورق عموده وَكَيف لَا وَقد قرنهم الله حِين الشَّهَادَة بالوحدانية بِالْمَلَائِكَةِ المقربين فَقَالَ تَعَالَى {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة وأولو الْعلم قَائِما بِالْقِسْطِ} فَبَدَأَ سُبْحَانَهُ بِنَفسِهِ ثمَّ ثنى بملائكته ثمَّ ثلث بالعلماء الَّذين هم وَرَثَة الْأَنْبِيَاء فَفِي تعظيمهم وتوقيرهم وتقريبهم امْتِثَال لأمر الله وتعظيم لمن أثنى الله تَعَالَى عَلَيْهِ واستمالة لقلوب الرّعية فَلَا يقطع أمرا دونهم وَلَا يفصل أمرا وَلَا حكما إِلَّا بمشاورتهم لِأَنَّهُ فِي ملك الله يحكم وَفِي رَعيته يتَصَرَّف وَفِي شَرِيعَته يقطع
44 - وَأَقل الْوَاجِبَات على السُّلْطَان أَن ينزل نَفسه مَعَ الله تَعَالَى منزلَة ولاته مَعَه
أَلَيْسَ إِذا خَالف واليه أمره ومارسم بِهِ لَهُ من الْأَحْكَام عَزله وعاقبه وَلم يَأْمَن سطوته وَإِذا امتثل أوامره وانْتهى عَن مناهيه حل عِنْده مَحل الرِّضَا فواعجبا مِمَّن يغْضب على واليه إِذا خَالفه ثمَّ لَا يخَاف سطوة ربه عَلَيْهِ إِذا خَالفه
45 - وَقد ورد الشَّرْع بِبَيَان خِصَال فِيهَا نظام الْملك والدول وَهِي