وليكن في علمك أخي المسلم الكريم أنَّ جريمة القتل من أبشع الجرائم؛ لأنها اعتداء على قيم الإنسانية؛ وذلك من خلال عدوانيتها على حقوق الآخرين وسفك دمائهم، والقضاء على حياتهم، ولبشاعة هذه الجريمة وشناعتها وفظاعتها وشدة عنفها، فقد تناولتها التشريعات بعقوبات صارمة تصل إلى القتل؛ إذ اتفقت الشرائع السماوية على تحريم هذه الجريمة، وتقرير أقصى العقوبات الرادعة في حق مرتكبها؛ من أجل أنْ يعيش الناس في أمن واستقرار، وَلِعِظَمِ جريمة القتل جاء ترتيبها الثاني بعد الشرك بالله فقد صحَّ عن ابن مسعود - رضي الله عنه - في تفسير قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم} [النساء: 93] قال: قال رجل: يا رسول الله، أيُّ الذنب أكبر عند الله؟ قال: ((أنْ تدعو لله نداً وهو خلقك)) . قال: ثم أيُّ؟ قال: ((ثم أنْ تقتلَ ولدك خشية أنْ يطعم معك)) . قال: ثم أيُّ؟ قال: ((ثم أنْ تزاني حليلة جارك)) . فأنزل الله - عز وجل - تصديقها: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماًً} [الفرقان: 68] (?) .
قال القرطبي عند تفسيره هذه الآية: ((دلّتْ هذه الآية على أنَّه ليس بعد الكفر أعظم من قتل النفس بغير الحق، ثم الزنا)) (?) .
وَلِعِظَمِ هذه الجريمة جريمة قتل النفس البريئة قرنها الله - عز وجل - بالذنب الذي لا
يُغفَر، وهو الشرك فقد روى أبو الدرداء - رضي الله عنه - عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((كل ذنب عسى أنْ يغفره الله إلا من مات مشركاً أو من قَتلَ مؤمناً متعمداً)) (?) .