واعلم أخي المسلم الكريم أنَّ للمسلمين حرياتهم وكراماتهم، ولا يجوز أنْ تنتهك حرياتهم وكراماتهم إلا بإذن من الشارع، وقد أحاط الإسلام حريات المؤمنين بأسيجةٍ منيعةٍ، ومن ذلك حرمة التجسس قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 12] ، والتجسس هو الحركة العملية التالية للظن السيء، فإذا ظن المسلم بالمسلم سوءاً تاقت نفسه أنْ يجس عليه. والمسلم مأمور بحسن الظن بأخيه المسلم، فنحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر، وفي الصحيحين (?) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -يقول: بعث علي ابن أبي طالب - رضي الله عنه - إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها، قال: فقسمها بين أربعة نفر بين عيينة بن بدر وأقرع بن حابس وزيد الخيل والرابع إما علقمة وإما عامر بن الطفيل، فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء، قال: فبلغ ذلك النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ألا تأمنوني وأنا أمينُ من في السماء يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء)) قال: فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كث اللحية محلوق الرأس مشمر الإزار فقال: يا رسول الله، اتقِ اللهَ، قال: ((ويلكَ أَوَلَستُ أحق أهل الأرض أنْ يتقي الله)) قال: ثم ولَّى الرجلُ، قال خالد بن الوليد: يا رسول الله، ألا أضرب عنقه، قال: ((لا، لعله أن يكون يصلي)) فقال خالد: وكم من مصلٍ يقول بلسانه ما ليس في قلبه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: